2008-04-05

مؤذن الفجر .. طفل في الخامسة

ارتفع النداء يشق الفضاء “ الله أكبر .. الله أكبر ” .. قمت فتوضأت .. يالشدة برودة الماء .. نحن الأن في فصل الشتاء .. الساعة تقترب من الخامسة والربع .. والصوت الذي سمعته هو صوت آذان الفجر .. توضأت بالماء البارد وأنا أذكر حديث النبي صلي الله عليه وسلم عن ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات .. إنه إسباغ الوضؤ علي المكاره .. توضأت سريعا وأخذت المنشفة فجففت الماء .. أثقلت من الملابس وخرجت إلي المسجد

فتحت باب الشقة وخرجت ففتحت باب المنزل وخطوت خطوة إلي الشارع .. سبحان الله .. ما هذا الضباب .. أشم رائحة المطر .. الشارع يبدوا كمدينة أشباح .. بدأت أحدث نفسي .. هل هذا هو البرد الشديد الذي قد يكون عذراً لترك الجماعة والصلاة وحدي منفرداً بالمنزل .. استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. عزمت علي المضي إلي المسجد .. أغلقت باب المنزل خلفي وسرت في الطريق .. في طريقي إلي المسجد لا أسمع غير صوت ” الشخير ” الذي ينبعث من بعض البيوت .. مر بخاطري قول النبي صلي الله عليه وسلم عن بيوت الأشعريين : ” إني لأعرف الأشعريين من بيوتهم بتلاوةالقرآن ” .. سألت نفسي ماذا لو مر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ببيوت المسلمين اليوم .. لم أستطع الإجابة .. وضعت علامة استفهام و مضيت في طريقي

وصلت إلي المسجد .. دخلت فوجدت الإمام قائم ممسك بيده المصحف يراجع ما يقرأه في الصلاة .. وشخص آخر مسند ظهره إلي الحائط .. و .. لن تصدقوني .. أنا نفسي لم اصدق نفسي .. ذُهلت ساعة رأيته .. بوجهه البرئ وشعره الناعم وعيناه المتألقتان .. طفل لا يتجاوز الخامسة .. جالس في المسجد .. تلمح عليه براءة الأطفال .. لكن .. ما الذي أتي به في هذه الساعة .. وفي هذا البرد الشديد .. أيضاً لم أجد إجابة .. يبدوا أن اليوم يوم علامات الإستفهام .. لكن ربما هو ابن هذا الرجل المسند ظهره للحائط .. ربما كانوا سهرانين إلي الفجر وتعلق الولد بأبيه فجاء معه للمسجد .. ربما .. ربما
لفت انتباهي أن العمود الذي يحمل ميكروفون المسجد - وهو من النوع الذي نتحكم بإرتفاعه أو قصره - لفت انتباهي أنه منخفض إلي أقصي درجة .. لم أعلق ولم يرتبط شئ بذهني ساعتها .. شرعت في صلاة سنة الصبح التي قال عنها الحبيب صلي الله عليه وسلم : ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها .. انتهيت من الصلاة وجلست أنتظر إقامة الصلاة .. فجأة حدث ما لم يكن بالحسبان .. ولم أكن أتخيله قط

أشار الإمام إلي الطفل كي يقيم الصلاة .. الله أكبر .. ساعتها عرفت لماذا حامل الميكروفون منخفض لأقصي درجة .. إنه مؤذن الفجر .. ذاك الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة بحال .. أصابتني قشعريرة وأنا أسمع صوت “ الله أكبر .. الله أكبر ” من ابن الخامسة .. عرفت بعدها أن الطفل أتي وحده وليس برفقة أحد .. أتي وحده في هذا البرد
الشديد

أخبرني الإمام بعدها أن هذا الطفل أتي له من يومين وطلب منه أن يؤذن .. فقال له : تعال الفجر لتؤذن .. والظن أن الطفل لن يأتي .. وهاهو ذا يومه الثاني يأتي ليؤذن لصلاة الفجر .. سألته من والد الطفل .. أخبرني أنه حتي لا يعرف أهل الطفل ولا أين يسكن .. عدت في طريقي إلي المنزل وأنا أفكر في هذا الطفل الصغير .. بل في هذا “ البطل الكبير “ ـ

0 التعليقات: