2008-07-19

في يوم ميلادي

لا أدري هل أهنئ نفسي أم أعزيها .. وهل هو يوم يستحق فيه الإنسان التهنئة أم يستقبل فيه العزاء

اليوم يكتمل عمري 25 ربيعاً .. وإن شئت فقل خريفاً أو صيفاً أوحتى شتاءاً

مضى من عمري 25 عاماً .. مضت السنوات وكأنها ساعات .. بل قل نسمات لامست كف طفل وضع رأسه يستريح من عناء الدنيا قليلاً فإذا به ينتبه بعد لحظات ليجد كل شئ قد تغير ويجد نفسه ابن ال 25 عاماً

مضت الأيام بحلوها ومرها .. شريط ذكريات 25 عاما يمر أمامي وكأنه أيام قليلة .. بل إن شئت فقل دقائق معدودات .. بل ثواني ولحظات

يحتفل بهذا اليوم الكثيرون .. يفرحون ويمرحون .. تُقدم الهدايا .. ولكن .. حتى بعيداً عن الناحية الشرعية .. كيف يحتفل إنسان بأنه اقترب أكثر فأكثر من النهاية

إنا لنفرح بالأيام نقطعها .. وكل يوم مضى يدني من الأجل

مضت هذه السنوات بما تحمله من ذكريات .. تحمل بين طياتها الكثير والكثير .. مشاعر فرح .. ومشاعر ألم .. أوقات سعيدة .. وأخرى حزينة .. استقبال مولود .. وتوديع مفقود .. همة عالية في بعض الأوقات .. وفقد للروح أوقالت أخرى .. صداقات جديدة نشأت .. وأخرى فُقدت .. مضت السنوات .. مضت بكل ما فيها .. مضت كأنها أضغاث أحلام .. أو كطيف زار في المنام

في كل مرحلة من مراحل العمر هناك بعض المواقف والأحداث تترك أثراً في شريط الذكريات .. هناك بعض المواقف فعلا وكأنها منقوشة على جدار هذه السنين .. حتى في مرحلة الطفولة والتي ينساها الكثير .. هناك بعض الأحداث مسطرة لا يمكن نسيانها

لأول مرة يأتي يوم ميلادي ويزداد عمري عام وأنا بعيد عن بلدي .. لا أدري كم من الأعوام سيمر وأنا بعيد .. لا أحب البعد عن بلدي رغم كل المشاكل التي أعانيها وأنا فيه .. أتمنى إن شاء الله أن ينصلح الحال والعام القادم أكون قد عدت .. وجهدنا نبذله من أجل بلدنا بدلاً من أن يضيع في الغربة

كم أستشعر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتنم خمسا قبل خمس .. شبابك قبل هرمك .. وغناك قبل فقرك .. وفراغك قبل شغلك .. وصحتك قبل سقمك .. وحياتك قبل موتك - رواه الحاكم

ولله الحمد في سن الشباب يستطيع الإنسان أن يفعل ما لا يستطيع أن يفعله بعد ذلك .. كم نحن مقصرون في استغلال هذه المرحلة مع أنها فرصة لن تتكرر .. وهاهي إحدى التابعيات .. حفصة بنت سيرين رضى الله عنها تنادينا وتقول : يامعشر الشباب اعملوا فإنما العمل في الشباب

لعل هذه الذكرى تكون فعلا ذكرى .. يجب أن نتوقف قليلاً .. لو قُدر لي أن أعيش 60 عاماً .. فهاهي 25 منها انقضت كلمح البصر .. وسيمضي ما تبقى بنفس السرعة .. فليت هذا الميلاد يكون ميلاداً لي من جديد

حياة الإنسان كلها تمضي على هذه الوتيرة .. يتصور الإنسان أن الحياة أمامه طويلة .. وينسى أنها أقصر مما يتصور .. اسألوا الشيوخ في شيخوختهم كيف كانوا يتصورون الحياة .. وكيف يرونها الأن !! ـ

قرأت قديما - وإن كنت لا أعلم مدى صحة الأثر - أن نبي الله نوح - عليه السلام – لما علم عن أعمار أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – قال : لو كنت منهم لبنيت قبري فوق بيتي .. وعاش عليه السلام طوال حياته لم يتخذ بيتا


سيصير المرء يوما جسدا ما فيه روح .. كلنا في غفلة والموت يغدو ويروح

نح علي نفسك يا مسكين إن كنت تنوح .. لتموتن وإن عمرت ما عمر نوح

فكيف بنا والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك - أخرجه الترمذي

والواقع يشهد ويؤيد .. اسألوا سكان الأرض منذ 100 عام أين أنتم !! بل اسألوا سكان الأرض بعد 100 عام أين سيكونون .. لا شك أنني وأنت موجه إلينا هذا السؤال ؟؟ كل من فوق ظهرها غداً سيصبح في بطنها .. هكذا حالها .. تحتضن بين جنباتها كل من مشى على ترابها

مضت ال 25 عاماً بأيامها ولياليها .. سنوات وشهور .. اسابيع وأيام .. دقائق وثواني .. ال 25 عاما تتكون من 300 شهر .. و 9125 يوم .. 219.000 ساعة .. 13.140.000 دقيقة .. 788.400.000 ثانية .. الله أعلم بما في هذه السنوات والشهور والاسابيع والايام والدقائق والثواني .. يعلم سبحانه كل ما حدث فيها .. فالله المستعان .. اسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ما كان فيها من تقصير .. وأن يبارك فيما بقي ويوفقنا فيه للخير يارب العالمين

0 التعليقات: